مسلسل هلال العيد .. لا يحووشك!

اكيد الكثير منا مرّ بهالسالفة مع اهله او ربعه.. تنطرح مسألة فقهية، ويالله استقبل كل واحد يفتي برأيه وتكتشف أنّ ما شاءالله كل الي موجودين دارسين بالحوزة وعندهم شهادات اجتهاد .. وتقول حسافة ما تنزلون رسايلكم العملية؟!

يعني على سبيل المثال: رمي الجمرات بالحج،

أ: اهم شي النيّة ترى، تقط الصخرة ومو مهم توصل ولا لا
ب: لااااا انا الي اعرفه لاااازم تروح اقرب شي وتشوف الصخرة تطق الطوفة واذا شكيت انه ما طاحت ترد تقط غيرها!
ج: يا جماعة امس كنت قاعد مع بوفلان يقول حاول تكون اقرب شي، وتحتمل انه توصل
ب: انته بكيفك؟! كلام اي مرجع هذا؟ انا اتوقع لازم تسوي احتياط وجوبي
أ: يبا ما يبيلها اي مرجع ومادري شنو وين قاعدين خلاص الدين يسر، الله يحاسبك عالنية! بطلوا السالفة وخلاص عاد لحد يتفلسف!
د: (طاق رصيف) ترى انتوا مو فاهمين فلسفة رمي الجمرات!

 وهلمّ جرّه .. واستقبل ألوان وأشكال من الفتاوي والتفسيرات والآراء وهذا غير الي يقولك مو مقتنع بهالحكم وكأن الدين نازل على مزاج الناس، والمجموعة الي عسى ما شي ما عجبهم يقولون أتوقع هالرواية مو صحيحة.. وبالفقه الكل فاهم ومسكينة الرسالة العملية محطوطة عالرف، ويا حيف عالدين ..

 فأحب شخصيا اسمي هالمسلسل بمسلسل هلال العيد..

 الناس من كثر البطالة والـ”ماكو شغل”ـية الي عايشينها نشوف هالامور،

 تيي كل سنة يوم ٢٩ من شهر رمضان، ويالله:
١- ترى هالمسجد يقولون شافوه
٢- يبا الفلكي هذا يقول مستحيل ينشاف!!!
٣- حجي مالنا شغل بالفلك
٤- الي يقلدون السيد سين باجر عيد
٥- لا توني سائل الوكيل وقال الي يقلدون السيد سين خل يقطعون مسافة
٦- لاااااا الي يقلدون السيد سين باجر صيام شفيكم ما اعلن مكتبه !!
٧- المرجع الفلاني باجر عيد .. وهو ثقة خنعيد وياه
٨- بس ترى المرجع الفلاني مو نفس مباني المرجع سين
٩- اوووه مالت عليكم انا بفطر ويا الحكومة وخلكم هالمعممين قاصين عليكم
.. الخ

ليش هاللوية بالضبط ما ادري؟ .. خلاص كل واحد ملزوم برأي مرجع تقليده، وبهالزمن الحمدلله اذا مو كل بيت فيه الرسالة العملية للمرجع، فالانترنت موجود فيه، والحين حتى ابلكيشن بالتلفونات فيه، وترتيب شغل عدل مبّوب ومصنّف خوش تصنيف وتقدر تبحث وتسوي كوبي وبيست وتدزه واتس اب وتويتر وغيره،

بعدين ايي دور العلماء / المعممين / السادة والمشايخ ايا كانوا، يفترض انك ترجع للي “تثق فيه” وتدري انه يستند الى “الرسالة العملية” .. ومعلوم انه مو “كثير الخطأ” وشخص “عادل” فاهم شلون يشرحلك الرسالة والمسائل الي مو واضحة بالنسبة لك.. فالمفترض انه يوضحلك رأي مرجعك حسب الرسالة العملية لا ان يفتيلك برأيه هو.. ولا ان يلزمك بتكليفه الشخصي

ناخذ مثال: رؤية الهلال -وجم مرة تتكرر هالنقطة كل سنة- شي انت يالمكلف يالصايم يالي قاعد تقرا تشخصه، مو مرجعك، انما المرجع يعطيك الطريقة، لازم تشوفه بالعين المجردة مثلا، ولا هل اذا ينفع لو احد بديرة يمك شاف الهلال تعتبر شايفه؟! واطمئنانك لو اثنين قالوا شفناه (وهو فلكيا قابل للرؤية) مو مثل البعض، هم يعتمد عالفلك بعدين اذا الفلك قال ما ينشاف وشافه هو يقول مالنا شغل بالفلك..

اذا بختصر بعض النقاط،
اولا: كثير من الناس ما تبي تقرا ولا تبي تبحث عن الثقة الي ينقل لهم دينهم صح، الناس تبي السهل، تسأل واييلهم الجواب جاهز
ثانيا: يا جماعة كل واحد عليه من نفسه، والله بيحاسبه على تكليفه هو، مو كلنا لازم نفس الشي، ولا مسألة تستدعي العصبية والزعل!
خلاص اذا اثنينا نقلد نفس المرجع، عادي جدا واحد فينا مو مطمئن ومافي شي اكيد يكمل عدة، وواحد شايفه ومطمئن ويفطر.. اثنينا عند الله مأجورين، وعلى صحة اذا مأدين تكليفنا..
ونفس الشي اذا واحد يقلد مرجع ومو عيد، والثاني عيد ليش تبيه يقطع مسافة ويفطر وياك؟ خله صايم.. يقدر يكون قاعد وياك ويباركلك .. مو شرط “ياكل ويبلع!”

اييلك واحد معصب وذبحتونا كل وكيل يقول شي وكل واحد يقول شي، وبيلوم الدين، نصدق منو؟ كله حجي متناقض!!
انزين هدي بالك.. وهو بالاساس منو قال لازم نكون كلنا نفس الشي؟!

 الخلاصة: هالمسلسلات تتكرر وايد وفي امور كثيرة، اخر وحدة مرينا فيها سالفة صلاة الايات للزلزلة والخسوف.. كل واحد يقول شي، وكل واحد يدز مسج للثاني “ترى عليك صلاة”، والثاني ينفي يقوله لا يبا ما عليك صلاة.. واحد يحط انه ما ينشاف، واحد يقول ليش مستعيل ننطر ونشوف، واحد يقول بلى ينشاف وبصلي.. ويصير زعل وهواش وهذا الوكيل يفتي من جيبه، وهذا جذاب.. ويالله تصير حرب شخصيات

 لييش كل هذا لييش؟! خلاص كل واحد مطالب بانه يعرف من الرسالة العملية، واذا ما فهم يلجأ لمن يثق به، حتى لو اختلف مع ناس ثانيين، فكل واحد عليه من نفسه وتكليفه وما يحق له يلزم الثاني ولا واجب يبلغه.. خاصة بالمسائل الخاضعة لتشخيص المكلف.. اما لو كنا نتكلم عن شي ثابت ومباشر من الرسالة مثل هل صلاة الظهر اربع ركعات ام خمس يختلف الوضع، لكن المسائل الي فيها تشخيص، تعتمد عليك “إنت”، وبالنهاية الله يخلي الإحتياط.

 

متى نحيي شهادة الزهراء (ع)؟

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن عدوّهم.

بعض الملاحظات حول الإختلاف الواقع في تحديد يوم شهادة السيّدة الزهراء (ع).
بدايةً لا يخفى على أحد أنّ هناك أكثر من مناسبة من المناسبات ( كالمواليد والوفيات ) واقع فيها الإختلاف لعدة أسباب ترجع إلى التدوين والتصحيف والنقل .. الخ، لكن في أغلب تلك الإختلافات نرى أنّ هناك ترجيح لأحد الروايات على الأخرى أو يتم التعامل معها بحيث كل منطقة أو جماعة تحيي مناسبة بتاريخ معين بناء على رواية معينة وجماعة أو منطقة أخرى تحيي نفس المناسبة بتاريخ آخر بناء على رواية أخرى.

مثال على ذلك تاريخ شهادة الإمام الرضا (ع)،  فهناك رواية أنه كان يوم ١٧ صفر، ورواية أخرى أنه في آخر يوم من شهر صفر.. في الكويت غالبا -حسب معرفتي- تُحيا المناسبة على رواية ١٧ صفر، أمّا في مشهد أو قم فقد رأيت أيضا حشود كبيرة تُحييها على رواية آخر يوم من صفر.. مثال آخر تاريخ ولادة الرسول الأكرم (ص)، الأكثر من العلماء ذهبوا أنّه في يوم ١٧ ربيع الأول، لكن ذكر بعض العلماء أنّه في ١٢ ربيع الأوّل، لكن لأن رواية ١٧ ربيع الأول هي الأشهر ظاهرا فيتم الإحتفال بمولده المبارك والقيام بالمستحبات في ذلك اليوم. وكذا هناك عدة روايات في عدة مناسبات منها ما ذكرت، ومنها أيضا تاريخ شهادة الإمام السجاد (ع)، وتاريخ ولادة الإمام الباقر (ع).. وغيرها.

ولعلّ أكثر المناسبات التي بها إختلاف واسع هو تاريخ إستشهاد السيّدة الزهراء (ع)، فهناك ثلاث روايات مشهورة.. وأخرى غير مشهورة، فأمّا الثلاث روايات المشهورة حسب الأيام التي عاشتها السيّدة الزهراء (ع) بعد أبيها رسول الله (ص): فالأولى أنها استشهدت بعد ٤٠ يوم من رحيل النبي (ص)، والثانية ٧٥ يوما، والثالثة ٩٥ يوما، فتكون التواريخ بالترتيب: ٨ ربيع الآخر، ١٣ جمادى الأولى، و٣ جمادى الثانية.. والروايات الغير مشهورة رواية الـ٤٥ يوما، ورواية الـ٦ أشهر وغيرها. وعلى أيّة حال، لست بباحث أو محقق ولا بمقام عرض إستدلال.. إنمّا أنقل وجهة نظر أؤمن بها في إحياء مناسبات أهل البيت (ع)..

هناك قصة تُنقل عن شيخ الشريعة الأصفهاني (قده) أنّه عزم يوما أن يسخّر جهوده ليحقق في الروايات ويوحّد النّاس على أقوى الروايات وأوثقها في استشهاد الزهراء (ع) ليتم إحيائها على أكمل وجه.. فاستغرق أياما طوال، وإذا به أحد الأيّام وهو مستغرق في أحد بحوثه وقد أخذه النعاس ونام، فتشرّف برؤية السيّدة الزهراء (ع) وأمرته بأن يترك عنه هذا الأمر وأن يبقيه على ما هو عليه، فإنها تحب أن تتكرر مصيبتها، ونقل هذه القصة أيضا بمضمون شبيه خطباء آخرون، فترك البحث وجعل يحيي مصيبة السيدة الزهراء (ع) في كل تلك الروايات.

 فأوّل نقطة نستعرضها: ما المشكلة في أن يكون هناك إختلاف في الروايات؟ وما المشكلة إذا تم إحياء نفس المناسبة في أكثر من مرة؟ فما نستفيده من الروايات عموما أن ذكر فضائل أهل البيت (ع) أو مظلوميتهم أو مثالب أعدائهم ممدوح في أيّ وقت ولذو ثواب عظيم.. وبالطبع لكل مقام مقال.. فذكر مصيبة الإمام الحسين (ع) مثلا ممدوح في كل وقت، بل وحتى في الأعياد وفي يوم الجمعة التي هي يوم فرح للإنسان المؤمن يستحب قراءة دعاء الندبة في صباحها وما دعاء الندبة إلا عبارة عن مجلس رثاء أهل البيت (ع)..

ثانيا: على وجه الخصوص ما المشكلة في أن يتم إحياء شهادة الزهراء (ع) في أكثر من مرة؟ أليس في ذلك بيان لمظلوميّتها؟! حتى حرّص كثير من العلماء على إحياء الليالي الفاطمية.. كالميرزا جواد التبريزي (قدس سره) الذي قال: “ عندما كان الإمام الصادق (ع) يقول: “رحم الله من أحيا أمرنا” فإن مصداق إحياء أمرهم هو إحياء عاشوراء الحسين (ع) ومظلومية أمه الزهراء (ع).

ثالثا: هناك توّجه من البعض بإلغاء إحياء شهادتها -روحي لها الفداء- في غير تلك الأيّام، والبعض قام بتهميش الروايات الـ ( غير معتبرة ) حتى لم تتبقى له إلا رواية الـ٤٠ يوما، فوجدوا لأنفسهم ذريعة بأن تلك الرواية تتعارض مع مولد الإمام الحسن العسكري (ع).. وحجتهم كالتالي: رواية مولد الإمام الحسن العسكري (ع) في ٨ ربيع الآخر قوية، ورواية إستشهاد السيدة الزهراء (ع) في نفس اليوم ضعيفة.. ولأن الإمام الحسن العسكري (ع) مظلوم ولا ذكر له فنقدم المولد ولا داعي لإقامة شهادة الزهراء (ع) في ذلك اليوم لأن هناك روايتين أخريتين.. ولم يتوّقف البعض إلى هنا بل وصل التجاسر إلى وصف من يتداول هذه الرواية بأنها رواية نسائية وبالحرف ( سوالف حريم ) ولا اعتبار لها لأنها “ضعيفة”!!

أقول: لا أدري ما مشكلة هؤلاء مع الزهراء (ع)؟! .. وصدقّوني المسألة ليست ضعف رواية أو قوّتها ولا حبّا زائدا للإمام العسكري (ع) ! هداهم الله ! على أية حال الرد على هذه الشبهة لعلها الأطول:

١) مسألة ضعف الروايات وقوّتها وصحة السند من حسنه وما شابه ذلك من العلوم الرجالية تطرق إليها الكثير من العلماء، وأوضحوا أنّ هذه المسألة خاصّة بالفقيه المجتهد ليبيّن الحكم الشرعي لأمر ما.. وأما أكثر الأمور التاريخية لا يتم النظر بها إلى قوة السند من ضعفه وإلا كنا سننكر أغلب التاريخ، والأمر الآخر في نفس النقطة، أنّ هؤلاء الذين لا حرفة لهم سوى تضعيف الروايات ربما يتناسون أو لا يعلمون أصلا مدى خطر “تكذيب” رواية مرويّة عن أهل البيت (ع) فضلا عن تضعيفها، وجهلوا دور علماء الحوزة الأجلاء في حفظها.. وهذه النقطة عموما تحتاج إلى تفصيل لست في مقامه.
٢) هناك قاعدة عامة إسمها ( رجاء المطلوبية ) عند إيجاد رواية في أمرٍ مستحب لم يتم إثباتها، فنستطيع الإستفادة من هذه الرواية: عن الإمام الصادق (ع): “من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه، كان له، وإن لم يكن على ما بلغه.” (الكافي للكليني ج٢ ص٨٧)، فاذا بلغتنا رواية -ولو ضعيفة إن صح القول- بأن في اليوم الفلاني مثلا قد يكون استشهدت السيّدة الزهراء (ع) فنحن حتما ننال الأجر والثواب بإقامة العزاء وإن لم يكن هو التاريخ الفعلي، إضافة إلى أننا وكما ذكرت سلفا نقوم بنصب مآتم في شتى الأيّام ونؤجر، فأليس الأولى بإقامة تلك المآتم في الأيام التي رويت بها روايات؟
٣) لدينا في إستشهاد الإمام الحسن المجتبى (ع) روايتان، الأولى ٧ صفر والثانية ٢٨ صفر، على أن الأولى هي الأشهر، لكن في نفس اليوم هناك رواية -ولعلها الوحيدة- في ولادة الإمام الكاظم (ع)، لكن لم يتم تضخيم الموضوع، وما عرفت إلا مجموعة صغيرة تقوم بالإحتفال بمولده لكن ببساطة نطرح الأمر هكذا: لو تزامنت ذكرى وفاة وذكرى ولادة فأيّهما مُقدّم؟ .. كأن يكون لديك حفل وحالة وفاة، فالطبيعي أن الحفل يؤجل والعزاء يُقدم، ومثال آخر ميلاد الإمام الباقر (ع) فهناك روايتان: ١ رجب و٣ صفر، فأمّا رواية ٣ صفر أيضا لا يتم الإحتفال بها لأن حالة العزاء وأربعين الإمام الحسين (ع) مُقدّم.
٤) كان الأولى أن يقال أننا نقدم أو نؤخر الإحتفال بميلاد الإمام العسكري (ع)، كما هو الحال مع الإمام الكاظم (ع)، وهذا ما يتم فعله، فاعتدت على أن المجالس تحيي شهادة الزهراء (ع) والسيدة المعصومة (ع) “١٠ ربيع الثاني”، وفي ختام مجالسهم يحتلفون بميلاد الإمام العسكري (ع).

كانت هذه الملاحظات التي استطيع ابدائها.. وللأسف كل فترة وأخرى -وسيما في السنوات الأخيرة السابقة- يطل علينا مشككين ليسوا من المخالفين لكن ممن يدّعي أنه شيعي إثنى عشري .. وما عساي أن أقول سوى أعاننا الله .. وفي هذا المقام اقول رضوان الله تعالى على الميرزا جواد التبريزي ذاك العالم الجليل الذي لم يتوانى لحظة في التصدّي لهجمات المشككين في قضيّة السيّدة الزهراء (ع) وبذل ما بذل في الدفاع عنها فجعل من الأيام الفاطمية عاشوراء ثانية يتم إحيائها في إيران بعد أن لم يكن لتلك الأيّام إهتمام بالغ في السابق، فكان من عادته في أيّام شهادة الزهراء (ع) بإختلاف الروايات أن يخرج من منزله إلى حرم السيدة المعصومة (ع) مشيا على الأقدام حافياً.. وكانت بعض الأيّآم تبلغ حرارة الجو فيها أشدها ( تتمة هذه القصة :هنا ) ..

ختاما أقول الحمدلله الذي وفّقنا لنحيي ذكرى شهادة الزهراء (ع)، في ليلة ويوم ٨ ربيع الآخر، غير متناسين الإمام العسكري (ع)، وأيضا وفقنا لنقوم بإحياء الليالي الفاطمية من ليلة ١٣ جمادى الأول إلى ٣ جمادى الآخر، فحتما في ذلك الإحياء إدخال السرور على قلب الزهراء (ع) وإظهار لمظلوميتها بل من لوازم التصدي لهؤلاء الأعداء المتلبسين بلباس التشيع ( اقرأ أيضا: العاشوراء الفاطمية )، إضافة إلى أنه مواساة لمولانا صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف)، ولا شك عندي شخصيا أن هذا الأمر مُقدم عندهم من الفرح، فهذه هي تربية دعاء الندبة وثقافة الإنتظار للثائر! وفقنا الله وإياكم دوما لإقامة مجالس الزهراء (ع)، ومنّ علينا بأخذ ثارها تحت راية ولدها المهدي (روحي فداهما) وزيارة قبرها.

 والحمدلله رب العالمين.
الثلاثاء ٨ / ربيع الآخر / ١٤٣٤ هـ.

* بعد التحدّث مع سماحة السيد مهدي الجزائري أبيّن نقطتين مهمّتين:
الأولى: الروايات وردت بحساب عدد الأيّام ( مثلا ٧٥ يوم ) ولا توجد رواية تحدد التاريخ مثل ١٣ جمادى .. فحسب ما نقل السيد أنّه العرف جرى على إحياء الليالي الفاطمية / الأيام الفاطمية في كلّ مرة ثلاثة أيّام -نظرا لتغيّر الشهور الهجرية “صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني” كونها إما ٢٩ ليلة أو ٣٠- فالمحصّلة أن الشهادة (مخفيّة) كما قبرها (المخفي)، وتطبيقا فيتم إحياء ١٣ – ١٤ – ١٥ جمادى الأول على أنها الأيام الفاطمية.. وعلى حسب كل منطقة وعرفها.
النقطة الثانية: مسألة إستمراريّة السواد لـ٢٠ ليلة من الفاطمية الثانية إلى الفاطمية الثالثة، فهو موجود نعم في بعض الأماكن في قم كما عند الشيخ الوحيد -دام ظله- في المسجد الأعظم، وهنا في الكويت أيضا هناك من يستمر في لبس السواد وفي حالة الحزن على مدار هذه الـ٢٠ ليلة.. لكن هي مسألة خاضعة للعرف، فالأشهر كما هو الحاصل بالنجف يتم لبس السواد وإقامة العزاء بكثافة فقط في الأيام التي تحيط بالروايات الثلاث.. وعلى كل حال فغالبا تكون المجالس ولله الحمد مستمرة وإن لم يلتزم البعض بالسواد، فيذهب من يستمر بتلك الحالة إلى هدف تعظيم المصاب وجعلها حالة استثنائية، والآخر إلى مراعاة العرف والفصل بين الليالي لتكون حالة الإستمرارية هذه خاصة بمحرم وصفر والتي نصّت عليها الروايات وللمحافظة على قدسية شعيرة السواد لئلا تكون شيء عادي.. والله أعلم.

العمل النقابي والقائمة الأكاديمية.. لماذا؟

* ملاحظة مهمّة: هذه المقالة تمثّل رأيي في القائمة في الوقت الذي كتبتها فيه، ولا يشترط وليس بالضرورة أن تكون موافقة لرأيي الآن أو مستقبلا.

    منذ مرحلة الثانوية وهناك دائما مقولة كانت تتردد حولي: “أهم شيء دراستك، ما ينفعك غيره” لكن لم أكن أتخيل نفسي من ذلك النوع الذي يُسخر جلّ وقته مع المادة العلمية التي تخص مجال دراسته فقط، مهملا العديد من جوانب الحياة المشرقة المفيدة بل والمهمّة بالنسبة للإنسان الذي يسعى للنجاح، فما كنت أرغب أن أكون ذلك الطالب المتميز في دراسته الذي لا يفقه شيئا في التعامل مع الناس، ولا يعرف سوى ما احتوته الكتب والدروس التي حضرها، وما إن وقع في مشكلة أيا كان نوعها يقف عاجزا أمامها! فكنت أؤمن بأن أعطي الدراسة المقدار الذي أحتاجه لنفسي وبالقدر الذي يوصلني إلى طموحي (الطب) وأسخر باقي الوقت لتنمية الجوانب الأخرى العديدة في شخصيتي.. فلم تعنيني أبدا عبارة: أهم ما تملكه شهادتك الجامعية، فلا والله تلك الشهادة الجامعية لن تُدخلني الجنّة ولن تجيرني من نار! ولن تشفعلي عند أحبتّي ولن تكون سببا في رفعة أخلاقي وليست معيارا يحدد قيمتي.. هي مجرد ورقة تثبت أني اجتزت مرحلة دراسية وتمنحني ( فرصة ) لأن أعمل في المجال الذي درست فيه.. لكن العقيدة والفكر، العلم والمعرفة، الأخلاق والتعامل، والخبرة في شتى جوانب الحياة إنما هو جهد شخصي أرى قضاء الوقت فيه أهم من قضاء الوقت في الدراسة -دون بخس حقها طبعا- ناهيك عن أهميّة وجود هدف سامي في حياة الإنسان، ولعل أسمى تلك الأهداف هو أن تكون إنسانا نقيّاً قريبا من الله، عظيما بين الناس ذليلا مع النفس! ومع مقارنة حجم هذا الهدف وما يتطلب من جهود وأمور كثيرة فإن الدراسة الأكاديمية لا تشكل إلا جزء صغير جدا منها.. الموضوع يطول ان تحدثنا عن أولويات الإنسان في الحياة والهدفية من حياته وكيف يصل إليها، لذا أقف هنا وأدخل في صلب الموضوع.. بالنسبة لي أحد الوسائل التي تخدم أهدافي في الحياة هو العمل النقابي .. فلماذا العمل النقابي؟!

     قوائم انتخابية.. مناظرات.. هواش.. نجرة.. نوت وستيكرات.. دورات هنا وهناك.. ضجيج ومصالح ومجاملات.. ربما هذا هو كل ما وصل إلى مسامعك أو نواظرك من موضوع ( العمل النقابي ) وكأنه لا يعدو كونه “طيش” شبابي وحالة شبيهة بالإستماتة في الدفاع عن نادي أوروبي يشجعه هذا الشاب الذي ترى في كل تفاصيل حياته شعار هذا النادي.. فكذلك طيش شباب الجامعة في كثير من الأحيان يتشكل بالإنتماء المطلق لـ”قائمة إنتخابية” يستحوذ على كل تفكيره وطاقاته أو أغلبها على أقل تقدير.. وهو بهذا لا يحقق استفادة واقعية من العمل النقابي، ولا بالمقابل يجتهد في دراسته، فيخسر أكثر مما يكسب.. وهنا حقّ لمن يوصي بترك ( الإنتخابات ) والإهتمام بالدراسة أن يعتقد بعدم فائدتها.. ولا أذم الحماس الذي يكون خلال فترة الإنتخابات.. فشخصيا مررت بهذه التجربة، ولا زالت جميلة تلك المواقف التي حرّكت مشاعرنا وأسبلت دموع البعض عند الخسارة أو الفوز.. لكن أحدث نفسي ويحدثني الأصدقاء بعبارات كـ” شدعوة يبجون على خسارة قائمة شصاير؟؟! .. ” لأقول نعم معكم حق، لكن هذا فقط جانب الحماس.. فأهملوه.. لكن، ماذا ان كان لها فائدة واقعية؟ وتوفرت الظروف المناسبة وكان للطالب القدرة على الجمع بين دراسته وبين أمور أخرى تفيده في بناء شخصيته وتضيف إلى خبراته شيئا محسوسا-علما بأن الأمر لا يحتاج سوى تنظيم الوقت-؟

    ارتأيت هنا أنه لا بد وأن أذكر نقطة مهمة. في أحد فيديوات القائمة الأكاديمية كانت لي كلمة: ” قيمة الإنسان بالفكر والمبادئ التي يحملها، وجود هدف واضح في حياته.. وسعي فعلي لتطبيق هذا الهدف “، وأقصد أيضا بأن قيمته تتحدد بقيمة كلٍ منها معاً.. ولأن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.. فأيضا ( الإنتمائيّة ) هي نقطة غفلت عنها إلا أنني تطرقت لها في كذا مقام -لا يعنيني أمر الناس ولكن أتكلم عن نفسي- لا أرضى بأن أوضع تحت خانة ( قائمة طلابية ) كأبلغ وصف لإنتمائي! وتوصيتي أيضا للشباب.. بأن العمل النقابي على جمال تجربته في كليتنا ومع الأكاديمية لكن سواء فيها أو في غيرها لا تظلم نفسك وتجعل أقصى إنتماء لك وجلّ همّك وكل حديثك وأهدافك متمحورة حول القائمة التي تنتمي لها، إضافة إلى وضعك هالة تقديس عليها، فالكلية والفترة التي تقضيها بها هي فترة معينة من حياتك ستقضيها وتمضي قدما والذي تثق به اليوم لا تعلم ما ينتهي به المصير غدا؟.. عموما فبحسب أهدافك في هذه الحياة قارن كم تعطيها من الوقت؟ وهل هي متوازية مع أهدافك؟ بحيث تستثمر وقتك فيها ليخدم تلك الأهداف؟

    لا أدري إن كانت كلية الطب إستثنائية نظرا لصغر حجمها وقلة طلبتها؟ وخصوصية نوع الأنشطة فيها؟ أم أن السرّ يكمن في التجربة النوعية للقائمة الأكاديمية؟ وبالتالي هل يمكن تطبيق هذه التجربة مع نظيراتها في كليات أخرى أم لا؟

    على أيّة حال، قبل دخولي لهذه الكلية، كنت أتصوّر أنني سأدخل إلى عالم وردي جميل، فيه طلبة ناضجون فكريا يتميزون بوعي وهدف.. ورغم اني بالغت في تصوّري لكن الأمر لم يكن سيئا.. إلى إن تعرفّت على هذه القائمة ( الأكاديمية ) التي كانت هي أقرب الموجود لذلك التصوّر، فمنذ تأسيسها إلى هذا اليوم وهي من التجارب الطلابية النادرة في تاريخ الكويت حسب اعتقادي الشخصي.. فقد تأسست عام ١٩٩٥ بـ ثلاثة عشر مبدأ ووضع عاملوها دستورا ولائحة مبني على أساسهما آلية عمل الأفراد فيها، لم يعتبروا الفوز أمرا سهلا أو قريبا وتوالت عليهم سنوات الخسارة، لكنهم حققوا هدفهم الذي كانوا ينشدونه واقترن ذلك بالفوز في سنة ٢٠٠٦ بتغيير جو العمل النقابي في الكلية وإحداث نقلة نوعية في رابطة طلبة الطب بأنشطتها ومستواها وإنتشالها من المركز الأخير إلى الأول في أوّل عام لهم، والأهم من ذلك غرس أساسيات -من المفترض أن نكون قد تخطيناها الآن- من مبادئ وفكر بين الطلبة..

   العمل النقابي حسب ما أرى ( وسيلة ) عن طريقها تستفيد أمور عدة لا تنحصر بعضها بها فقط لكنها نوعا ما تُسهّل الأمر، فبالجانب الإجتماعي مثلا يتيح لك التعرّف على الناس وتكوين علاقات معهم فـ”معرفة الناس تجارة”، وفي الجوانب التي قد تكون مسؤولا بها تكتسب خبرة جديدة، وإن لم تكن جديدة عليك فتنمّيها وتمارسها، فعلى سبيل المثال لا الحصر جانب خدمة الطلبة كإعطاء الدورات التعليمية ( تقوّي مهارة الشرح، تواصلك مع الطلبة، تقديم خدمة تُحسب لك، القدرة على التنظيم)، أو في الجانب الإعلامي وهذا ما جرّبته شخصيا فهو مجال يتيح لك تقوية مهاراتك الإعلامية وكوني اعتدت على المجال الإعلامي الديني فالشغل في العمل النقابي وسّعلي المجال واكتسبت خبرة أوسع منها ( التصاميم سواء من أفكار؟ طرق؟ أماكن المطابع، أنواع الطباعة .. ) أو ( التصوير والفيديو والدعاية ) وغير ذلك.

    اسهابا في الحديث أتطرق إلى وجه الخصوص في مثل هذه القائمة التي تجمع أناس من مختلف التوجهات والمراجع الفكرية، مما يتيح لك المجال لتجلس معهم وتتناقش في أمور مختلفة، وتستشف الآراء المتباينة حول شتى المواضيع، ربما تكتسب معلومات جديدة لا تكون محصورة فقط في البيئة التي أتيت منها، وترسخ مبدأ التعددية وتقبل الاختلاف.. 

    شيء آخر، هناك أمور كثيرة يحتاجها طالب الطب، لحياته المهنية والعملية، وأمور أيضا يضعها الطالب مسؤولية على عاتقه، كنشر التوعية الصحية في المجتمع أو بالأحرى التطوع فيه، والتطوع في المجتمع لعلها من أمتع التجارب وأثوبها.. فيفترض أن لا يقتصر دور الطبيب وطالب الطب على المستشفى والعلاج وهذا ما نتعلمه، وأضيف لتلك الأمور حضور المؤتمرات وتنظيمها، ومهمات إنسانية كإغاثة المنكوبين وإسعافهم.. وغير ذلك الذي نراه بصور جميلة في روابط الطب عالمياً .. فلا يمكن بكل بساطة تحقيق كل ما ذكرته بشكل فردي ولا يمكن أن يتحقق أيّا من ذلك إن كنا فقط ( نهتم بدراستنا ) ولم يبادر أحد منا للسعي في تحقيق ذلك.. فكل ذلك يعود لجهود عمل جماعي تحت مظلة رابطة طلبة الطب، ولا أراه يتحقق بـ”إحترافية” ولا بالصورة التي أريدها إلا مع القائمة الأكاديمية.. التي جعلت كل هذه الأمور واقعا ممكنا في كلية الطب بجامعة الكويت.. بل ووصلت إلى مستوى لم تعد بحاجة ماسة فيه إلى مقاعد ( رابطة ) وهي قادرة على تحقيق الكثير وهي.. نعم.. مجرد ( قائمة ) كما يصفها الكثير..

    خلاصة ما أرمي إليه أن هذا المجال النقابي هو عمل تطوعي إن توفرت الظروف المناسبة ولم يشكل تغيّر سلبي في حياة الإنسان لن يكون إلا كنز من الفوائد التي قد لا تتوفر الفرصة للحصول عليها إلا أثناء فترة وجودك في الجامعة..

    هذه تجربتي المختصرة جدا التي قد أو قد لا تنطبق على أشخاص آخرين في مختلف الكليات.. لكن يبقى رأي أرجو أن يكون متوازن.. بلا إفراط ولا تفريط.